المكتبة الحية للأندلس - قرطبة - اسبانيا يونيو ٢٠١٢ لغاية ١ أغسطس ٢٠١٢م

واصل معرض التسامح الديني في عمان التعريف بالإسلام وعرض تجربة السلطنة في التسامح الديني حيث وصل المعرض ضمن محطته الثامنة عشرة الى مدينة قرطبة بالمملكة الإسبانية واحتضنت المكتبة الحية للأندلس فعاليات المعرض حيث أكد الدكتور محمد بن سعيد المعمري المستشار العلمي بمكتب وزير الأوقاف والشؤون الدينية المشرف العام على المعارض الخارجية في الكلمة التي ألقاها في حفل افتتاح المعرض ان سلسلة هذه المعارض تأتي استلهاما من وحي ديننا الحنيف وحكمة قيادة حكومتنا في عصر حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه- حيث أخذت وزارة الأوقاف والشؤون الدينية على عاتقها تنظيم هذه الجهود ومتابعتها، لعرض تجربة السلطنة حول التعايش والتسامح والتفاهم بين الحضارات والشعوب.

مضيفا: إن سلسلة المعارض هذه تجديد لعهود التفاهم والحوار، وأزمان التعايش، وفترات عاش فيها الجميع على اختلافهم في سلام واطمئنان.

مشيرًا إلى أنه في قرطبة هذه المدينة العريقة والتاريخية والحضارية بما يفوق الوصف، بما كانت عليه منذ قرون طويلة، لا تزال تتجدد بفكر التعايش بين الحضارات، قرطبة التي انجبت عمالقة الفكر والتاريخ والعلوم الانسانية، قرطبة التي عاش فيها العرب المسلمون والنصارى واليهود وكونوا أنموذجًا إنسانيًا فريدًا جعل من هذه المدينة عاصمة للأديان ومركز إشعاع للقيم الانسانية الرفيعة. موضحا انه بين مسقط وقرطبة تاريخ مشترك قد لا يعلمه الكثيرون، وتواصل حضاري ظل قائما لفترات طويلة من

 

حقب التاريخ، ذلك ان كلا المدينتين احتضنتا المذهب الاباضي، وهو المذهب الذي نشأ مبكرا على يد الامام جابر بن زيد المتوفى سنة ٣٩ هجرية/ سنة ١١٧ ميلادية؛ فقد انطلق بعض اتباع المذهب الإباضي الى الاندلس وعاشوا فيها وكونوا مدارس علمية لها حضورها القوي واثرها الواسع، ويذكر المؤرخون أن حفيد أول إمام للدولة الرستمية وهو محمد بن سعيد بن محمد بن عبدالرحمن بن رستم استوطن الاندلس وعاش في قرطبة وكان ذلك أوائل القرن الثالث الهجري / العاشر الميلادي بل كان للإمام عبدالرحمن بن رستم الثاني أمراء في قرطبة يوليهم شأنها كالقائد محمد بن رستم، فضلا عن الهجرات التي تتابعت للعيش في الاندلس والاستيطان بها.

مبينًا أن هذا المعرض يهدف الى التعريف بالإسلام بشكل عام، وكما فهمناه نحن العمانيين وتعاملنا به، وهذا الفهم تبلور بعد ان وصلتنا رسالة خاصة من النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- فآمنًا به عن طواعية واقتناع، واستمر العمانيون على نهج التسامح وبذل المعروف والتخلق بالقيم العالية، ومن المهم الاشارة هنا الى ان النبي محمدًًا عليه السلام لم يرسل سوى خمس رسائل لملوك وزعماء العالم في عهده وخص منها واحدة لعمان وأهلها مما يدل على أن بركتها باقية وخصوصيتها مستمرة لن تزول بإذن الله.

 

لقد علمنا ان الدين جاء لخير الناس لا لشقائهم، ولنفعهم لا لمضرتهم، ولجمعهم على أرضية مشتركة وفق قاعدة المنافع المتبادلة والمسؤولية المشتركة، فنعيش في هذا العالم جميعًا تحت سماء واحدة وشمس واحدة وارض واحدة.

وإنني اعتقد ان هذا النهج هو الذي حفظ لنا حضارتنا في عمان كما حفظ لكم حضارتكم في إسبانيا مع إضافة أساس لا غنى عنه في التعامل بين البشر؛ وهو الأخلاق الحسنة التي تؤطر علاقاتنا وتحفظ سياج إنسانيتنا.

وهذا ما نسعى إليه من خلال سلسلة المعارض هذه استلهاما من وحي ديننا وحكمة قيادة حكومتنا في عصر حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه- حيث أخذت وزارة الأوقاف والشؤون الدينية على عاتقها تنظيم هذه الجهود ومتابعتها، لنعرض عليكم تجربتنا في سلطنة عمان حول التعايش والتسامح والتفاهم بين الحضارات والشعوب.

مختتما كلمته بالشكر الوافر لهذه المكتبة )المكتبة الحية للاندلس( والمؤسسة العلمية التي تحتضنها على ترحيبها وتعاونها لاقامة فعاليات هذا المعرض. بعدها ألقى الدكتور بابليون بوفيدانو أورتونا نائب رئيس مؤسسة باراديجما بقرطبة الذي رحب بالحضور وزوار المعرض وعبر عن سعادته بإقامة المعرض في هذه المكتبة مشيرًا الى جهود السلطنة في نشر ثقافة التسامح والحوار.

بعد ذلك القت الدكتورة ماريا هيزوز فيجيرا مديرة القسم الثقافي في المكتبة الحية للاندلس والأستاذة بقسم الدراسات العربية والإسلامية بجامعة كمبلومانتسي بمدريد كلمة رحبت فيها بالحضور مستعرضة جهود المؤسسة والمكتبة الحية في قضايا الحوار والتفاهم ونشر السلام معربة عن سرورها البالغ في احتضان معرض التسامح الديني في عمان ومشيدا بحكمة حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس ابن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه- وقيادته في بناء دولة عصرية ودوره الكبير في دعم المشاريع الحضارية بما فيه خير الشعوب.

وكما القت الدكتورة إميليا سانشيز فيدال الأستاذة بكلية الحقوق بجامعة قرطبة محاضرة حول واقع التعددية والعلاقة بين الأديان في إسبانيا وأثر السياسات والقوانين الإسبانية في تلك العلاقة. وقالت: إن هذا المعرض أتاح لها التعرف على السلطنة وانه من الجميل ان تفاجأ بمدى التطور والحضارة التي تشهدها السلطنة حاليًا.

وتعتبر المكتبة الحية بالأندلس من أهم المكتبات في قرطبة حيث تضم بين جنباتها أكثر من ثمانية آلاف كتاب في مختلف العلوم والمعارف كما انها مرتع خصب لفهم العلاقة والقواسم المشتركة بين الديانات الإبراهيمية الاسلام والمسيحية واليهودية ويرتاد هذه المكتبة التي تم انشاؤها عام ٢٠٠٢م يرتادها يوميًا مئات من الزوار والباحثين وطلبة الحامعات ومن مختلف شرائح المجتمع.

واستمرت فعاليات المعرض شهرًا كاملا استطاع من خلاله الزوار التعرف على الاسلام وفهم قيمه النبيلة اضافة الى التعرف على تجربة السلطنة في مجال التسامح والتعايش الديني المشترك بين جميع الديانات وذلك من خلال اللوحات المعروضة التي يبلغ عددها عشرين لوحة تتنوع في مضمونها بين التعريف بالحياة الدينية والعامة في السلطنة ودور المرأة في المجتمع إضافة إلى الفيلم الوثائقي الذي تم إعداده خصيصا لهذا المعرض والكتب والمنشورات باللغة الاسبانية كل هذا سيكسب الزوار فكرة واضحة وجلية عن الاسلام والتسامح الديني في السلطنة ويغير الأفكار المغلوطة عن الاسلام والمسلمين.


مقالة جريدة عمان عن المعرض